تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
الكنز الثمين
92719 مشاهدة
عصمته من الخطايا

الأمر الثاني: عصمته من الخطايا.
اتفقت الأمة على أن الأنبياء معصومون من كبائر الذنوب؛ لمنافاتها للاجتباء والاصطفاء، ولأن الله حملهم رسالته إلى البشر، فلا بد أن يكونوا قدوة لأممهم، وكلفهم أن يحذروا الناس من مقارفة الكفر والذنوب، والفسوق والمعاصي، فلو وقع منهم ظاهرا شيء من هذه الخطايا، لتسلط أعداؤهم بذلك على القدح فيهم، والطعن في شريعتهم، وذلك ينافي حكمة الله تعالى، فكان من رحمته أن حفظهم من فعل شيء من هذه المخالفات، وكلفهم بالنهي عنها، وبيان سوء مغبتها، كما جعلهم قدوة وأسوة في الزهد، والتقلل من شهوات الدنيا التي تشغل عن الدار الآخرة، فأما صغائر الذنوب فقد تقع من أحدهم على وجه الاجتهاد، ولكن لا يقرون عليها، فلا تكون قادحة في العدالة، ولا منافية للنبوة، وإنما هي أمارة على أنهم بشر لم يصل أحدهم إلى علم الغيب، ولا يصلح أن يمنح شيئا من صفات الربوبية.
وقد ذكر المفسرون وأهل العلم بعضا مما وقع من ذلك، كقوله تعالى: وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ .
وقوله: <قرآن س=17 title=سورة الإسراء (سورة رقم: 17)؛ آية رقم:73-74 معياري=وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا ولولا أن ثبتناك لقد كدت > وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَـنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا . ونحو تلك الوقائع التي فعلها اجتهادا لما يؤمله من مصلحة ظاهرة، علم الله تعالى أنها لا تتحقق.
فأما المعاصي والذنوب فإن الله تعالى حماه من فعلها أو إقرارها؛ لمنافاة ذلك لصفات الرسالة والاختيار، ولمخالفة ما ورد عنه من التحذير عن الكفر والفسوق والعصيان، فأما تبليغ ما أوحي إليه من الشرع فقد ذكر العلماء المحققون اتفاق الأمة على عصمته، بل وعصمة الأنبياء فيما يبلغونه عن الله تعالى من الوحي والتشريع، بل إن الله -جل ذكره- قد عصمه قبل النبوة عن الشرك والخنا ونحو ذلك.
فقد روي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به، وما هممت بسوء حتى أكرمني الله برسالته . ذكره القاضي عياض في كتابه الشفا وغيره.
وقال ابن إسحاق في السيرة: فشب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكلؤه الله ويحفظه، ويحوطه من أقذار الجاهلية ومعائبها؛ لما يريد به من كرامته ورسالته وهو على دين قومه، حتى بلغ أن كان رجلا أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقا، وأكرمهم مخالطة، وأحسنهم جوارا، وأعظمهم خلقا، وأصدقهم أمانة، وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزها وتكرما، حتى ما سمي في قومه إلا الأمين؛ لما جمع الله به في صغره وأمر جاهليته .